طريق الإمارات نحو الاحتراف العسكري
طريق الإمارات نحو الاحتراف العسكري
18 كانون الثاني/يناير 2021
ميليسا دالتون

يمثل دور دولة الإمارات العربية المتحدة الإقليمي المتوسع فرصة للقوّات المسلّحة لتصبح أكثر احترافًا، من خلال الاستثمارات في التخطيط الاستراتيجي والشفافية وتطوير الصناعة الدفاعية.

بعد عقدين من الاستثمار المتضافر والخبرة العملية، أضحت القوّات المسلّحة لدولة الإمارات العربية المتحدة (الإمارات)، التي أُطلق عليها اسم "إسبرطة صغيرة،" إحدى المؤسسات العسكرية الرائدة في المنطقة. فمع وجود ما يقرب من 63,000 من العسكريين في الخدمة، ومع مزاعم وجود تعزيزات لهم من قبل قوّات أجنبية مساعدة ومرتزقة، اكتسبت الإمارات اهتمامًا عالميًا لدورها في مواجهة إيران والشبكات المتطرفة العنيفة ولتدخلاتها في اليمن وليبيا.

 

ومع ذلك، فإنه في ظل غياب الالتزام بتعزيز قدرات التخطيط الاستراتيجي وإرساء قدر أكبر من الشفافية والمساءلة، سيكون مستوى احتراف القوّات المسلّحة الإماراتية محدودًا. إنّ بناء الإمارات لقدراتها في التخطيط الاستراتيجي وتطوير القوّة سيمكّنها من تحديد أولوياتها الإقليمية وهيكل قوّتها بشكل صحيح، وسيجعلها ملتزمة بالمبادئ الدولية للسلوك العسكري الاحترافي مع مزيد من الشفافية والمساءلة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز شرعيتها في المنطقة ومع الشركاء الدوليين.

التخطيط الاستراتيجي

اتبعت الإمارات، بالشراكة مع الحلفاء الإقليميين والدوليين الرئيسين، استراتيجية لمواجهة التهديد الإيراني في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك اليمن، من خلال الحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن، لا سيما ضد تهديد الجماعات السياسية المتطرفة والإرهابية؛ حيث أنها تصبح مع مرور الوقت قوّة عسكرية معتمدة على نفسها بشكل متزايد. ومع ذلك، فإن الاعتماد على قوّات مرتزقة يضع الإمارات أمام رقابة دولية ويقوّض شرعيتها في أعين الشركاء الرئيسين. وقد اختبرت تدخلات الإمارات في اليمن وليبيا بُنية القوّة العسكرية الإماراتية وقدراتها. وتعمل الفجوات في قدرات التخطيط الاستراتيجي لدولة الإمارات على مُفاقمة مخاطر التوسع المفرط والاعتماد على قوات أقل احترافًا وتكاملًا

 إذا أرادت دولة الإمارات تحقيق أهدافها، فعليها أن تراجع بدقة الأماكن التي تريد الاستثمار ونشر قوّاتها فيها، وعليها أيضًا تحديد أولوياتها في هذا النطاق. فهي يجب أن تستثمر في تعلم الدروس الاستراتيجية والعملياتية والتكتية لترشيد التخطيط للقوّاتها في المستقبل، بدءًا من حرب اليمن، حيث الدروس لا تزال حديثة. ويجب أن تسعى إلى ترتيبات تعاونية مع الشركاء داخل وخارج المنطقة لمطابقة مزاياها النسبية مع قدرات هؤلاء الشركاء من أجل تحقيق أهدافها بشكل أفضل والسعي إلى الكفاءات.


قد يؤدي تعزيز صفوف القوّات المسلحة بقوّات مساعدة وقوّات مرتزقة إلى زيادة القدرة على المدى القصير، ولكن في غياب التفكير في الفعالية النسبية لهذه القوّات المساعدة ومستوى اندماجها في القوّات المسلّحة الإماراتية الأساسية، فإن قيمتها النهائية ستكون أمرًا مشكوك فيه. ومع مرور الوقت، قد يؤدي استخدام القوّات المساعدة إلى تقويض علاقات التعاون الأمني ​​مع أستراليا وفرنسا والولايات المتحدة، لا سيما داخل الهيئات التشريعية لهؤلاء الشركاء. يمكن التخفيف من هذه التحديات من خلال تحسين قدرات التخطيط الاستراتيجي.

الشفافية والمساءلة

سيتضائل التطور الاحترافي للقوّات المسلّحة الإماراتية إذا لم يتم تطوير آليات الشفافية والرقابة والمساءلة لدعم مبادئ قانون النزاع المسلح وحقوق الإنسان. يجب أن تتخذ الإمارات خطوات شفافة علنية للتصدي للانتهاكات وتنظيم استخدام القوّات الأجنبية والمرتزقة.

إن تبنّي هذا المستوى من الاحتراف العسكري قد يؤدي إلى تحسين القدرة على التعرف على الأخطاء أو الإخفاقات والتعلم منها، وتعزيز قدرات التخطيط الاستراتيجي. تتمتع القوّات المسلّحة الإماراتية كمؤسسة بهيكل قيادة وسيطرة مركزي قوّي، إلا أنه يفتقر إلى الآليات المؤسساتية والرقابة لضمان الاحترافية والمساءلة التي تضعها الدول الأخرى على قوّاتها. وبصرف النظر عن مزاعم استخدام القوّة العشوائية وإدارة سجون تعذيب سرية في اليمن، فإن خطر الفساد في مشتريات الدفاع مرتفع. يمثل الدور الإقليمي الأكثر بروزًا للإمارات فرصة لإظهار الريادة في كيفية إدارة مؤسسة عسكرية محترفة.

الصناعة الدفاعية

يمكن أيضًا ربط الاستثمارات في قدرات التخطيط الاستراتيجي لدولة الإمارات بتطوير صناعة دفاعية، ليس فقط لبناء قاعدة صناعية محلية في الإمارات، لكن أيضًا لتوفير المزيد من الفرص للإنتاج والتطوير المشترك مع الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الأجانب. يمكن أن تعمل الإمارات مع شركاء مثل الولايات المتحدة لمتابعة فرص التطوير المشتركة للتقنيات العسكرية الجديدة. يتطلب تعزيز هذا الشكل من الشراكة بروتوكولات أمنية تكنولوجية مُعزَّزة وبُنية تحتية لمراقبة الصادرات لتنظيم التطوير في الإمارات لجعلها تتماشى مع مؤسسات الدفاع في البلدان الأخرى. وفي نهاية المطاف، تجمع الولايات المتحدة والإمارات مصلحة طويلة الأمد في بناء مؤسسات دفاعية شفافة.

خاتمة

تمتلك المؤسسة العسكرية الإماراتية مسارًا واعدًا، بعد أن رسخت نفسها كواحدة من أقوى قوّات التدخل السريع في المنطقة. ومع ذلك، سيظل تقدمها محدودًا إذا أهملت الكفاءات الأساسية للتخطيط الاستراتيجي، بما في ذلك ارتباطها بالتطوير الصناعي الدفاعي، والالتزام بالاحترافية العسكرية القائمة على المعايير الدولية للسلوك العسكري والشفافية والمساءلة. ومن شأن الخطوات الملموسة للاستثمار في هذه المجالات أن تعزز فعاليتها العسكرية وشرعيتها في المنطقة وخارجها.

 

ميليسا دالتون تدير مشروع الدفاع التعاوني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وشاركت في تأليف تقرير عن القوّات المسلّحة الإماراتية لمركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط.


 
آخر التغريدات


تواصل معنا