جعلت الديناميات الإقليمية في الشرق الأوسط صادرات الأسلحة أقل توافقًا مع لوائح التصدير الألمانية.
على مدى السنوات العشر الماضية، أصبح الشرق الأوسط أحد أكبر مناطق العالم استيرادًا للأسلحة. تستحوذ ألمانيا على حصة صغيرة فقط من هذه الواردات، لكن خمس دول عربية — ألا وهي الجزائر ومصر وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة — هي من أكبر مستوردي الأسلحة والمعدات العسكرية الألمانية. فبحسب الأرقام الرسمية للحكومة الفيدرالية الألمانية، زادت حصة تراخيص التصدير لهذه الدول من 9.7 إلى 19.6 في المئة بين عامي 2010 و2020، وبلغت ذروة هذه التراخيص عند 41.3 في المئة في عام 2017، وهو تطور هام. تنص المبادئ التوجيهية الألمانية على أنه ينبغي رفض تراخيص تصدير الأسلحة إلى البلدان "المتورطة في نزاع مسلح أو أينما يكون مثل هذا النزاع وشيكًا، أو عند وجود تهديد باندلاع نزاع مسلح، أو حيث يتم إشعال التوترات والنزاعات القائمة أو استمرارها أو تفاقمها بسبب تصدير هذه الأسلحة."
لقد كان جليًا على مدى العقد الماضي أن المتلقين الرئيسين لصادرات الأسلحة الألمانية أكثر استعدادًا لاستخدام الوسائل العسكرية لفرض مصالحهم في المنطقة. فمثلاً دعمت الإمارات وقطر الميليشيات في ليبيا منذ عام 2011 وشاركت الإمارات بشكل مباشر في أنشطة عسكرية منذ بداية الحرب الأهلية الليبية الثانية في عام 2014. كما وكان لمصر تدخلات في ليبيا منذ عام 2015 على الأقل من خلال تقديم مساعدات عسكرية للجيش الوطني الليبي التابع للقائد خليفة حفتر من الشرق، وشن غارات جوية بين الحين والآخر. في السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية، دعمت كل من السعودية وقطر مجموعات متمردة مختلفة، ما ساهم في تصعيد النزاع وتطرّف المتمردين. كما تدخلت السعودية في الحرب الأهلية اليمنية عام 2015 على رأس تحالف يضم الإمارات. علاوةً على ذلك، كاد عام 2017 أن يشهد مواجهة عسكرية مباشرة بين التحالف السعودي الإماراتي من جهة وقطر من جهة أخرى. ولم يُرفع الحصار البري والبحري والجوي الذي فرضه التحالف على الدوحة إلا في أوائل عام 2021.
تهدد السياسات الخارجية للدول العربية بأن تصبح أكثر عسكرة في المستقبل. من المرجح أن يبقى الوضع السياسي في شبه الجزيرة العربية متوترًا على الرغم من إنهاء الحصار المفروض على قطر. ينطبق هذا بشكل خاص على العلاقة بين قطر والإمارات. وفي ضوء النزاع الذي لم يتم حله بين مصر وإثيوبيا على نهر النيل، يمكن أن تزيد القاهرة من تدخلها العسكري في جوارها الجنوبي. كما ويمكن أن تحاول مصر إنشاء قاعدة عسكرية في المنطقة من أجل ممارسة نفوذها في القرن الأفريقي، على غرار دول الخليج، التي تمتلك قواعد في جيبوتي وإريتريا والصومال. من ناحية أخرى، اتبعت الجزائر في السنوات الأخيرة سياسة صارمة بعدم التدخل، لكنها عدّلت دستورها في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2020 للسماح للقوّات المسلّحة بالانتشار خارجيًا (بتعريفات فضفاض) ضمن إطار بعثات حفظ السلام متعددة الجنسيات. وبحسب بعض المحلّلين، قد تكون هذه الخطوة الأولى من قبل الجزائر للتدخل في الحرب الأهلية الليبية. في الوقت نفسه، يمكن أن تزداد التوترات بين الجزائر وجارتها المغرب، بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو هناك، خاصة وأن الولايات المتحدة اعترفت بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.
في ظل هذه الخلفية، تزداد صعوبة التوفيق بين صادرات الأسلحة الألمانية ولوائح التصدير القائمة، ما يجعل التناقضات في كيفية تبرير الحكومة الفيدرالية الألمانية لهذه الصادرات أكثر وضوحًا. أصبح هذا واضحًا بشكل خاص مع تمديد الحظر المفروض على صادرات الأسلحة إلى السعودية في كانون الأول/ديسمبر 2020. في البداية، جاء الحظر كنتيجة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكن التمديد الأخير مرتبط على الأرجح بالحرب المستمرة في اليمن، رغم أن الحكومة الفيدرالية لم تقدّم سببًا واضحًا لقرارها. لكن ما يجعل هذا النهج غريبًا إلى حد ما هو أن المعدات البحرية التي تم إنتاجها بالفعل لتُصدر إلى السعودية يتم تسليمها الآن إلى مصر، وهي دولة ذات إشكاليات مماثلة في سجلها في مجال حقوق الإنسان وتطلعاتها العسكرية.
بالتالي، لا غرابة في أن النقد الموجه إلى ممارسات التصدير الألمانية لا يأتي من المعارضة وحدها بل كذلك من داخل الحكومة نفسها. ففي كانون الثاني/يناير 2021، انتقد مفوض حقوق الإنسان في الحكومة الفيدرالية بشدة صادرات الأسلحة الألمانية إلى مصر، مشيرًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة فيها . وبالتالي، يتزايد الضغط لتعديل ممارسات التصدير الألمانية، ويمكن أيضًا تكثيفه بسبب التغيير في سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بحرب اليمن. مع انعقاد الانتخابات البرلمانية في أيلول/سبتمبر 2021، من المرجح أن تُجري ألمانيا مراجعة أساسية لصادرات الأسلحة إلى الجزائر ومصر وقطر والسعودية والإمارات.
ستيفان رول رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.