مستقبل القوّات المسلّحة العربية الليبية
مستقبل القوّات المسلّحة العربية الليبية
15 حزيران/يونيو 2021
تيم إيتون

يشكل ظهور حكومة وحدة وطنية جديدة تهديدًا لشبكة تحالفات القوّات المسلّحة العربية الليبية غير العملية، بحيث لا تستبعد هذه القوّات إمكانية العودة إلى الحرب.

في 29 أيار/مايو 2021، أشرف خليفة حفتر على عرض عسكري لقوّاته المسلّحة العربية الليبية. وضع المشير قوّاته كقوّة دولة نجحت في التغلب على تهديدات "المؤامرات الإرهابية" وحذر من أن القوّات المسلّحة العربية الليبية التابعة له لن تتردد في فرض "السلام بالقوة" إذا خرجت عملية التسوية السياسية عن مسارها. تُعد تعليقات حفتر واستعراضه لقوّاته تذكيرًا صارخًا بأنه على الرغم من تشكيل حكومة جديدة وخارطة طريق انتقالية، فإن الرجل السبعيني ليس لديه نية للخروج من المسرح الوطني، ما يضفي الغموض على  مصير القوّات المسلّحة العربية الليبية.

تعطي طبيعة تنظيم هذه القوّات بعض الدلائل على المسار المحتمل لها، والتي يمكن فهمها بشكل أفضل على أنها سلسلة من الشبكات التي تتعدى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بدلًا من كونها مجموعة منفصلة من الجهات المسلّحة. يشير تطبيق إطار العمل الاجتماعي والمؤسسي الذي تحدث عنه بول ستانيلاند لتحليل العلاقات الأفقية بين القادة والروابط الرأسية بين القادة والقاعدة الاجتماعية إلى أن شبكة القوّات المسلّحة العربية الليبية التابعة لحفتر هي تحالف غير عملي.

القيود أمام تماسك القوّات المسلّحة العربية الليبية

منذ عام 2014، أظهر حفتر مهارة في توحيد ودمج تحالف القوّات المسلّحة العربية الليبية من خلال مزيج من بناء الرواية والإكراه والدعم الخارجي. وعلى عكس الجماعات المسلّحة الليبية الأخرى، وسّعت القوّات المسلّحة العربية الليبية سيطرتها على الأرض واستوعبت قوّات جديدة ومتنوعة في هيكليتها. لكن لم تتطور القوّات المسلّحة العربية الليبية لتصبح منظمة متكاملة بسبب الأهداف والدوافع السياسية المتناقضة للأجزاء المكونة لها والدور المهيمن للعلاقات الشخصية. في الواقع، على الرغم من امتلاك القوّات المسلّحة العربية الليبية لتسلسل قيادة رسمي، إلا أن السلطة تتركز في يد حفتر والمقربين منه.

تتكون نسبة كبيرة من القوّات المسلّحة العربية الليبية من شبكات ضيقة الأفق (ذات روابط وثيقة بقواعدها الاجتماعية المحلية) تعمل ككيانات يبدو أن ولائها يعتمد على العلاقات الشخصية مع حفتر ودائرته الداخلية بدلًا من الانتماءات المؤسسية. توضح الدروس المستفادة من إخفاقات المجموعات الضيقة الأخرى أن مثل هذا الافتقار إلى العلاقات الأفقية القوّية بين القادة يمكن أن يؤدي إلى الاقتتال الداخلي بين المتنافسين منهم. وهذا يجعل مصير حفتر نفسه حرجًا، ويجعل القوّات المسلّحة العربية الليبية عرضة للانقسام. في الواقع، مع تدهور الوضع الأمني ​​في بنغازي، تصاعد العنف بين عناصر القوّات المسلّحة العربية الليبية.

كما يعتمد حفتر بشكل متزايد على داعميه الخارجيين، لا سيما في أعقاب هجوم طرابلس الفاشل في عامي 2019 و2020. منذ عام 2014، كان الدعم الخارجي حاسمًا في تطوير وصيانة القوّات المسلّحة العربية الليبية. قام حفتر بتوحيد فصائل القوّات المسلّحة العربية الليبية من خلال استخدام الرعاية الخارجية للسيطرة على توزيع الأموال. وهذا يجعل القوّات المسلّحة العربية الليبية غير محصنة أمام التحولات في سياسات تلك الدول الخارجية، وعلى الأخص الإمارات العربية المتحدة، الداعم الأجنبي الرئيس للقوّات المسلّحة الليبية. وينطبق هذا أيضًا على روسيا، حيث تلعب الشركات العسكرية الروسية الخاصة دورًا مهمًا في دعم حفتر على الأرض.

السيطرة على مؤسسات الدولة تحت التهديد

تتعرض مكاسب القوّات المسلّحة العربية الليبية للتهديد في فضاء "الدولة." فمن خلال الضغط الذي مورس على مجلس النواب والحكومة المؤقتة والمؤسسات الرئيسة مثل فرع البنك المركزي في البيضاء، أنشأت القوّات المسلّحة العربية الليبية أساسًا للهيمنة على مؤسسات الدولة الرسمية في شرق ليبيا مع الإفلات من العقاب في الفترة الممتدة بين 2015 و2021. وفي نفس الوقت توسعت هيئة الاستثمار العسكرية التابعة للقوّات المسلّحة الليبية لتصبح وسيلة لهيمنة القطاع الخاص.

يُعرِّض تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة في آذار/مارس 2021 سيطرة حفتر على المؤسسات والموارد في الشرق للخطر من خلال إعادة توحيد مؤسسات الدولة وإعادتها تحت إشراف طرابلس. من الجدير بالذكر أن هذه الحكومة هي أول حكومة وطنية موحدة في ليبيا منذ عام 2014. ومع ذلك، فإن المدى الذي ستسعى فيه حكومة الوحدة الوطنية إلى تحدي وصول القوّات المسلّحة العربية الليبية إلى الموارد والمكانة البارزة في المناطق الخاضعة لسيطرة القوّات المسلّحة العربية الليبية لا يزال غير واضح. من المحتمل أن يكون منع رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة من السفر إلى شرق ليبيا (حيث تم إرجاع فريقه الأمني) في نيسان/أبريل مثالًا على محاولات حفتر لمنع تقوية حكومة الوحدة الوطنية. بشكل عام، يبدو أن حكومة الوحدة الوطنية لديها تطلعات محدودة في المجال الأمني ​​أو لإعادة تشكيل الهياكل السياسية بشكل فعال، ما يفسح المجال لإمكانية التوصل إلى تسوية مؤقتة.

حفتر والعملية السياسية

تشكل الانتخابات المقترحة في كانون الأول/ديسمبر 2021 مصدرًا لكثير من الغموض، ولم يُظهر حفتر أي استعداد للخضوع لرقابة مدنية فعلية. وهذا يترك توترًا متأصلًا بين عملية سياسية مصممة لتقاسم السلطة وتركيز حفتر على تعزيز سلطته.

هدف القوّات المسلّحة العربية الليبية في المرحلة الحالية هو درء التهديدات من حكومة الوحدة الوطنية من خلال البحث عن تسوية تسمح للقوّات المسلّحة الليبية الحفاظ على إمكانية وصولها إلى الموارد، والإبقاء على ولاءات فصائل هذه القوّات وإيقاف المبادرات في قطاع الأمن. يجب على الدول الملتزمة بدعم السلام المستدام في ليبيا مقاومة العودة إلى استرضاء حفتر ومواصلة دعم توسيع انخراط حكومة الوحدة الوطنية في المناطق الخاضعة لسيطرة القوّات المسلّحة العربية الليبية. يجب على تلك الدول أيضًا مساعدة حكومة الوحدة الوطنية في وضع قيود على توليد القوّات المسلّحة العربية الليبية للإيرادات، خشية أن توفر الفترة الانتقالية الحالية للقوّات المسلّحة الليبية الوسائل لتجديد نفسها قبل موجة صراع مستقبلية. أوضح حفتر ا في كلمته خلال العرض العسكري أن الحرب تظل خيارًا مطروحًا على الطاولة إذا لم يتم الاستجابة لشروطه، حتى وإن كانت الأدلة تشير إلى أنه لن تكون لديه فرصة كبيرة لتحقيق أهدافه.

 

تيم إيتون هو زميل أبحاث رئيسي في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس, أي المعهد الملكي للشؤون الدولية. وهو مؤلف تقرير تشاتام هاوس الذي صدر مؤخرًا بعنوان "القوّات المسلّحة العربية الليبية: تحليل شبكة تحالف حفتر العسكري."


 
آخر التغريدات


تواصل معنا