تُحَدَّدُ ميزانية الدفاعِ وفقًا لعمليّةٍ مؤسساتية حُكومية، وتتحكم السُلطات الحكومية المدنية بتوزيعها. وللمؤسسة العسكرية مُشاركةٌ محدودة للغاية في النشاطات التجارية أو الاقتصادية الأخرى، ويتمّ الإبلاغ عن العائدات المالية من هذه الأنشطة إلى الحكومة، وهي التي تُشرف عليها. يبدو أن تمويل الاحتياجات الدفاعية غيرُ كافٍ، وذلك بسبب محدودية المواردِ الوطنية ككلٍّ والافتقار إلى عمليّةٍ واضحةٍ للتفاوضِ بشأن هذه الاحتياجات وإلى التوجيه الاستراتيجي بين السُلطات العسكرية والمدنية.
كما هو الحال مع ميزانية أي وزارة أخرى، يقوم مجلس نواب الشعب بتدقيق ميزانية الدفاع بعد التنسيق مع وزارة المالية. ولكن تميل مداولاته غالبًا لتكون شكلية وأقل تمحيصًا بالمقارنة مع ميزانيات الوزارات الأخرى، نظرًا إلى الطبيعة الحسّاسة لشؤون الدفاع. وتُمارس السُلطات المدنية أيضًا إشرافًا حقيقيًا على تنفيذ ميزانية الدفاع، حيث تحتفظ وزارة المالية بالأموال قبل صرفها وتُقدّم الإدارة العامّة للشؤون الإدارية والمالية بوزارة الدفاع كُشوفات شهرية وتوثِّق النفقات.
إن ميزانية الدفاع منشورة علنًا وتقدّم التفاصيل الوافية للنفقات الرئيسة حسب بنود صرفها، ولكنها لا تشمل مصادر الدخل الخارجة عن الميزانية كالمُساعدات العسكرية الأجنبية والنوادي الرياضية. كما تستخدم أحيانًا لغةً مُبهمة لوصف بنود الصرف، وذلك لدواعٍ أمنية. لا تحتفظ القوّات المسلّحة بصناديق مالية خاصّة غير مُعلنة، لكن يخصّصُ مجلس نواب الشعب ميزانية ثابتة لوكالة الاستخبارات والأمن للدفاع، والتي تبقى سرّية وتراقبها وزارة الدفاع حصريًا.
ويُشرف ديوان المُحاسبة على حسابات قطاع الدفاع بشكلٍ عامّ، بينما تتصدّى ثلاثُ هيئاتٍ أخرى لخطر الفساد: فتقدّم وكالة الاستخبارات والأمن للدفاع التقارير الداخلية لوزارة الدفاع، فيما تُقدّم وزارة الوظيفة العمومية تقاريرها للحكومة، وتُجري الهيئة الوطنية لمُكافحةِ الفساد تدقيقًا ماليًا خارجيًا. وتُوجد وسائل شاملة للتعامل مع مخاطر الفسادِ في عقود الدفاع، وهي فعّالة ومُطبّقة على أرض الواقع. وتشمل هذه الهيئات الحكومية المعتمدة التي تُراجع إعداد وتنفيذ العقود العامّة، والتفقّدية العامّة للقوّات المسلّحة ولوكالة الاستخبارات والأمنِ للدفاع اللتيْن تُراجعان جميع عُقود وزارة الدفاع.
هذا، وتُبَثُّ المناظرات البرلمانية حول ميزانية الدفاع عبر التلفاز وتقوم وسائل الإعلام بمتابعة جلسات الاستماع لشؤون الدفاع، والتي تُناقش أحيانًا في البرامج التلفزيونية السياسية. ومع ذلك، فإن الحصول على المعلومات، من وزارة الدفاع، أمرٌ معقّدٌ، ومحدودٌ في الواقعِ. وتعملُ القوّات المسلّحة مع مُنظّمة الشفافية الدولية والشُركاء الأجانب الآخرين حسب سياسة انفتاح فعلية تجاه المُنظّمات غير الحكومية ووسائل الإعلام بخصوص تمويل الدفاع، لكن المُنظّمات المحلية تفتقر عمومًا إلى الخبرة اللاّزمة لمُتابعة برامج الدفاع الوطني، ونادرًا ما تُشكّكُ في تمويلاته.
لا تُشارك القوّات المسلّحة إلاّ في نشاطات اقتصادية رسميةٍ محدودةٍ للغاية، بما في ذلك الشراكة بين القطاعين العام والخاصّ لبناء السُفن والإنتاج الزراعي وإنشاء البنية التحتية في المناطق التي يصعب الوصول إليها واستصلاح الأراضي والنوادي الرياضية. ولا ينتج عن أي من هذه الأنشطة إيراداتٌ كبرى. إن القوانين والواجبات التي تحكُم هذه النشاطات الاقتصادية العسكرية هي نفسها التي تحكم النُظراء المدنيين، بما في ذلك وجوب توفير الرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي واتّباع قواعد السلامة والسماح بإنشاء النقابات.
ولا تُشارك المؤسسة العسكرية في الاستغلال التجاري للموارد الطبيعية، ولكنها قد تُساعد في حلّ المُشكلات الفنية أو اللوجستية لشركات القطاع العام العاملة في هذا المجال. وتحتفظ وزارة الدفاع بعائداتُ الأنشطة الاقتصادية للقوّات المسلّحة، ولكنها تُبلغ وزارة المالية ومجلس نواب الشعب بها. ويتمّ إبلاغ الحكومة كذلك بالإيرادات الخارجة عن الميزانية المُتأتّية من عمليات حفظ السلام، والتي إمّا أن تحتفظ بها وزارة الدفاع لتغطية تكاليف دعم تلك العمليات، أو أن تُصرفُ للعسكريين المشاركين فيها.
كما تقوم القوّات المسلّحة بتشييد الإسكان العسكري. وتحتفظ وزارة الدفاع بالمداخيل البسيطة من ذلك، لكنها تخضع لرقابة وزارة المالية ومجلس نواب الشعب. إن العاملين في قطاع الدفاع، سواءً كانوا عسكريين أم مدنيين، هم موظفون حكوميون، وبالتالي ممنوعون من القيام بنشاطات اقتصادية خاصّة. وفي المرّات النادرة التي يُشارك فيها الضباط في شركات خاصّة، يكون المالك الإسمي أحد أقاربهم أو أصدقائهم.
يحول العجز عن المصادقة على "كتاب أبيض" للدفاع الوطني دون الفهم الشامل لأهداف الدفاع ومواردهِ المُتاحة، خاصّة في صفوف المدنيين. ويُقدّر بعضُ مسؤوليِ الدفاع أن مُخصّصات الميزانية غيرُ كافيةٍ للاحتياجات الدفاعيةِ الإجمالية، لكن المواردَ الوطنية محدودةٌ. وتُعَدُّ الآليّات المؤسساتية فعّالة على مُستوى التفاوض على ميزانيات الدفاع، ولكنها ذات فعالية محدودة في تطوير احتياجات تمويل الدفاع. ولا تُحوَّل بنود النفقات الكُبرى أبدًا تقريبًا من ميزانية الدفاع إلى الميزانية العامّة، لكن الحكومة تَقْترضُ من الخارج أحيانًا لتمويل البرامج العسكرية العاجلة، ومن غير الواضح أيّةُ ميزانية تُثَقَّلُ عليها هذه الديون.
وتَتَكَافَئُ جداولُ الرواتب والمنافع والعلاوات في قطاع الدفاع مع تلك المعتمدة في بقية مجالات القطاع الحكومي، ويتمتّع العسكريون بمزايا كالإسكان العسكري وسيارات الأركان والدخول إلى النوادي العسكرية الممنوعة على المدنيين. وتُوَفَّرُ النفقات الإجمالية لمختلف الرُتب من الميزانية، علمًا أن الأحزاب السياسية نادت بتحسينِ الرواتب العسكرية. إن احتياجات الدفاع هي العاملُ الحاسمُ في التفاوض حول صفقات الأسلحة والمُساعدة العسكرية الأجنبية. ويقرُّ هذه الاحتياجات المجلسُ الأعلى للجيوش، فيما يقوم مسؤولو المؤسسة العسكرية ووزارة المالية بالتفاوض على المُساعدات.
س1 - عملية وضع الموازنة
|
س2 - الدخل من خارج الميزانية
|
س3 - كفاية الموارد
|