لبنان
2020
الحوكمة

يخضعُ تعيين المهام إلى الجيش اللبناني (التسمية الرسمية) للأُطُرِ القانونية ذاتِ الصلة، ولكن في كثير من الأحيان تكون هذه الأُطر غير واضحةٍ بسبب الطبيعة الطائفية للنظام السياسي. ويسعى الجيش للحفاظ على الحياد إزاء المُنافسات السياسية المحلية، لكنّه يضطرّ كثيرًا إلى القيام بالأدوار المُتعلقّة بحفظ النظام العام، ممّا يُقلّصُ من فعاليته في أداء مُهمّته الأساسية المُتمثّلة في الدفاع الوطني.

3.08
كفاءة متوسطة
 
 
س1. من له سلطة تحديد مهام القوّات المسلّحة واتّخاذ قرار انتشارها العملياتي؟

يُعرِّفُ الدستور اللبناني رئيس الجمهورية على كونه القائد الاعلى للقوّات المسلّحة، لكن قائد الجيش يتولّى السيطرة العملياتية. إن المجلس العسكري، الذي يتألف من ضُباطٍ كبارٍ من كل طائفةٍ، هو الذي يتولّى مهمة الإشراف الفعلي على الجيش، بدلًا من مجلس النواب. ويلعب الجيش اللبناني دَوْرَ الوسيط المُحايد سياسيًا بين مُختلف الجماعات المذهبية. ولم يتمّ إضفاء الطابع الرسمي على هذا الدور، ولكن سبق أن رفض الجيش تنفيذ أوامر القيادة المدنية حين شعر أنها ستُعرّض التعايُش السلمي بين الجماعات للخطر. ويُحدِّد الجيش، إلى حدٍّ كبيرٍ، سياسةَ الدفاع والتطوير والميزانيات بشكلٍ مُستقلّ عن المجلس الأعلى للدفاع، الذي يرأسُه رئيس الجمهورية وينعقد وقتَ الأزماتِ. فالمجلس يُعاني من الشلل بسبب تنافس المحاور السياسية والطائفية.    

وليس للقادة المدنيين، عُمومًا، تأثيرٌ يُذكر على المحصلات الدفاعية لأن التسلسُل القيادي العسكري مُختَرَق في بعض نواحيه من قِبَل النُخب السياسية الطائفية. ويَستغلُّ هذا الاختراق مؤسسات الدولة الضعيفة ليُقوّض احترافيتها وليتدخّل في الترقيات وليحطّ من الرُوح المعنوية. وكثيرًا ما يتمّ اختيار وزير الدفاع بناءً على ولائه السياسي ومذهبه، وليس على معرفته بشؤون الدفاع، لذلك يعتاد الجيش على إظهار احترامه له فيما ينجح في الحدّ من التدخلّ المدني في الشؤون العملياتية.

 

وتضع الأركان العسكرية توْصِياتها بخُصوص الشؤون غير القتالية كالتخطيطِ والعقود وإعداد الموازنة والتنسيب، التي يتمّ تمحيصُها، إثر ذلك، من قبل مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ممّا يجعل وزير الدفاع مسؤولًا شكليًا أكثر من كونه مُتحَكِّمًا فعليًّا في سياسة الدفاع. ويخضعُ الجيش للعديد من نفس القوانين والأعراف الطائفية التي نشأت في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية والتي تَحْكم مؤسسات الدولة الأخرى. إلا أن العديد من المُمارسات المُرتبطة بالتنسيب والمقتنيات والتسلّيح لا تخضع لديوان المُحاسبة. إن المُناقشة العلنية لشؤون الدفاع حُرّةٌ ومُفعّلة عُمومًا في لبنان. يُعاقب قانونُ الدفاع الوطني أولئك الذين يكشفون عن معلوماتٍ سريّةٍ، والأعراف غير الرسمية تقلِّل من مناقشةُ التفاصيل العملياتية، ولكنْ يتفاعلُ العديد من المدنيين مع المؤسسة العسكرية وتتوفّر منابر حيوية لمُناقشة شؤون الدفاع.

 

ولا تدعمُ الدولة اللبنانية قوّاتٌ عسكرية خارج تسلسل القيادة المدنية والعسكرية الاعتيادية، لكن حزبُ الله لديه قوّات عسكرية ذات أهدافٍ سياسيةٍ واستراتيجيةٍ مُستقلّة، مُمولّة من طرف إيران وعبر شبكة عالمية للأنشطة غير المشروعة. إن اتفاقية الطائف لعام 1989 -التي أنهت الحرب الأهلية وحكمت بنزع سلاح الميليشيات وتسريحها وإعادة دمجها- أعفت حزب الله من تسريح قُواته وأجازت المُقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، دون تحديد صلاحيات وإمكانيات هذه المُقاومة وطُرق الإشراف عليها.



اقرأ المزيد في الموجز القطري للبنان
3.06
كفاءة متوسطة
 
 
 
س2. ما هو الدور الذي تلعبه القوّات المسلّحة في تنظيم وتسيير السُلطة السياسيّة؟

لا يعمل الجيش للحفاظ على أيّةِ حُكومةٍ قائمةٍ أو تحالفٍ حاكمٍ، ويرى نفسه فوق السياسات الطائفية الانقسامية في لبنان ما بعد الحرب الأهلية، مُتبنيًا الحياد السياسي كُلّما أمكن ذلك. كثيرًا ما تَمتَثِلُ المؤسسة العسكرية على مَضَضٍ لأوامر القادة الطائفيين، لكن ليس في الحالات التي تُهدّد استقرار لبنان أو سلامة الجيش. ويُعَيَّنُ الضباط حسب هويتهم المذهبية، كما يُؤخذ عامل الكفاءةِ الاحترافية والتنافسات البيروقراطية بعين الاعتبار في تعيين كِبار الضباط. هذا، وترتكزُ التعيينات في أعلى المراتب إلى تفضيلات النُخبة السياسية.    

 

يقدّم الجيش صورة مُصغّرة عن المُجتمعِ اللبناني، لذا يجب عليه إدارة التفضيلات السياسية والطائفية المُتنافسةِ للحفاظ على حياده السياسي. أصبح أقلّ تَسَيُّسًا إلى حدٍّ كبير مُنْذُ انسحاب القوّات السورية في عام 2005، لكنّ يعود الانتباه إلى الانقسامات الطائفية وتتحوَّل الموارد تجاهها في أوقات الأزمات السياسية. ومن المُرجّحِ أن يُمثّل وزير الدفاع إرادةَ كتلةٍ سياسيّةٍ أو طائفيّةٍ أكثر من تمثيله لسياسة الحكومة أو الجيش، وهو لا يُمارس سيطرةً عملياتيةً على القوّات المسلّحة. ونظرًا لسُمعة الجيش غير المُتَحزِّبة، كثيرًا ما يُنظر إلى الضباط المُتقاعدين على أنّهم مُرشّحون توافقيّون للرئاسة أو المقاعد البرلمانية. لكن غالبية المتقاعدين لا يلعبون دورًا سياسيًّا، علمًا أنهم لا يقومون بذلك إطلاقًا أثناء الخدمة الفعليّة. 

    

ولا يتجاوزُ الجيش السُلطات المدنية في الشؤون غير الدفاعية، ولكن يتمّ التشاور معها بشأن القضايا المُتعلّقة بالدفاع بشكلٍ غير مُباشر، كتخطيطات البنية التحتية وحماية البيئة. والمعروف أن الجيش، في حالات نادرة، قد أعاد تأويل أو إختار عدمِ اتّباع الأوامرِ التي من شأنها أن تُهدّد الاستقرار الداخلي. ويمنع قانون الدفاع العسكريين من الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو القيام بالأنشطة الانتخابية أو المُشاركة في الانتخابات أو تولي المناصب المُنتخَبة وهم في الخدمة. وبإمكانهم الترشّح للانتخابات النيابية أو البلدية إثر التقاعُد، لكن يجب عليهم الانتظار لعامين بعد التقاعد قبل الترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية. ويتلقّى لبنان مُساعدات عسكريةً كُبرى من الحُكومات الغربية، لكن لهذا آثار عملياتية، وليس سياسية، إذ أن عقيدة الجيش وتدريباتهُ يتماشيان مع هؤلاء المانحين، والأمر ذاته بالنسبة إلى اتفاقيات تبادُل المعلومات الاستخباراتيةِ.



اقرأ المزيد في الموجز القطري للبنان
3.39
كفاءة متوسطة
 
 
 
س3. ما أهميّة الدور الذي تلعبُه القوّات المسلّحة في الحفاظ على النظام العام؟

يتم تفويض الجيش بمُوجب مرسوم وزاريٍّ بدعم قوى الأمن الداخلي في الحفاظ على النظام العام. يتمنَّع الجيش عن القيام بهذه المهمة، ولكنه يشارك فيها في مُناسباتٍ عديدة بسبب انْضباطَه وتماسُكه وثقة المواطنين العالية فيه. ويقوم الجيش بشكل روتينيٍّ بمهامٍ بسيطة متعلقة بالحفاظ على النظام العام وبمهامٍّ ذاتِ صلة كمُكافحةِ الإرهابِ والأمْنِ الحُدوديِّ. وفي أوقات الأزمات الشديدة، يُمكن وضع الأجهزة الأمنية المدنية تحت القيادة العملياتية للجيش.

 

إن انعدام الثقة المؤسساتية وميوعة آليات التنسيق الرسمية بين الجيش والأجهزة الأمنية المدنية، يُضعف التنسيق بينها في الحفاظ على النظام العام. وتُحدِّدُ القوانين بدقّة صلاحيات كل من المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية المدنية في الحفاظ على النظام العام، لكن كثيرًا ما تُشوِّش الانتماءات السياسية أو الطائفية الحدودَ القانونية الفاصلة، خاصّة عندما تُثبت الأجهزة الأمنية المدنية أنها غيرُ قادرةٍ أو غيرُ راغبةٍ في أداء الواجبات المُوكَلَةِ إليها، تاركةً عبء التدخّل في هذا الشأن للجيش. إن مدوّنة سلوك الجيش وقواعد الاشتباك واضحةٌ في إطار الحفاظ على النظام العام، وكثيرًا ما تُطبَّقُ آليّاتُ المُساءلة، حتى لو تمّ التعامل مع الانتهاكات من قبل كبار الضباط في الميدان بُطرق تراعي التوازِن بين الكياسة الطائفية والحفاظ على المُساءلةِ.

 

ويُقوِّضُ دورُ الحفاظ على النظام العام الذي يقوم به الجيش قُدرة الجُنُودِ على الانتقال بفعاليةٍ إلى مهامِّ الدفاع الوطني. لم يكن هذا التأثيرُ مُوهِنًا للغاية حتى الآن، إذ أجرى الجيش عمليات قتالية تتطلَّب المُناورة بكفاءة عالية. ومع ذلك، من غير الواضحِ إن كان بإمكانه الدفاع عن البلاد ضدَّ عدُوٍّ إسرائيليٍّ أكثر كفاءةً، حتى لو توقف تمامًا عن مهامّ حفظ النظام العام. على عكس الدول الأخرى، قد ترغب القيادةُ المدنيةُ في أن تكون المؤسسة العسكرية أكثرَ قمعًا واستعدادًا على التصرف دون عقاب مما يريده الجيش نفسه. وفي أحيان كثيرة يسعى القادةُ السياسيون أو الطائفيون إلى إسناد دور الحفاظ على النظام العام للجيش، ممّا يجعل سُلطات تعيين وتنظيم مثل هذه المهامّ أقلّ وضوحًا وقابليةً للتنفيذ.



اقرأ المزيد في الموجز القطري للبنان
2.80
كفاءة متوسطة
 
 
الحوكمة
 
مستويات الكفاءة
س1 - أدوار محددة جيدًا
س2 - المشاركة السياسية
س3 - الدور في الحفاظ على النظام العام
 
 
آخر التغريدات


تواصل معنا