سورية
2020
الدرجات على مقياس من 15
الاحترافية العسكرية

إن التطوّر الاحترافي والهوية والتماسك المُؤسساتيين والأخلاقيات الأساسية للقوّات المسلّحة تتشكّلُ كليًا تقريبًا من خلال الطريقة التي تُمَارسُ بها السيطرة السياسيةُ عليها. إن هذه السيطرة شخصانية للغاية، حيث أن السُلطة الأساسية في جميع الأمور تنبع من رئيس الجمهورية. كما أنها تتميّز بطابعٍ الجماعية أيضًا، حيث تلعب الهُويّات الطائفية والعشائرية دورًا رئيسًا في تحديد التعيينات العسكرية والقيادية.

تَغلُب العلاقاتُ غير الرسمية والشبكات المُوازية للقيادة والتأثير، في حين أن الامتيازات المبنية على الولاء الشخصي والسياسي تُقوّض الهدف من نظامي القضاء والتعليم العسكريين. وتُحافظ هذه الأنماط على سيطرة النظام السياسي الحاكم، لكنها تتعارض مع الاحترافية والهوية المُؤسساتية العسكرية. وينعكس هذا في ضعف الفعالية المؤسساتية في قطاع الدفاع عُمومًا وفي الكفاءة العملياتية المتدنية وضُعفِ الأداء القتالي وعدمِ قُدرة القوّات المسلّحة على تعلّم الدروس بفعاليّة. إضافةً إلى ذلك، فإن القوّات المسلّحة مُعرّضةٌ بشدّة إلى الفساد والتفكّكِ والتأثير الأجنبي.

1.93
كفاءة متدنية
 
 
س1. ما الّذي يُؤثّر أكثر في تحديد تنظيم القوّات المسلّحة الوطنيّة وقُدراتها العمليّاتيّة: التقييم الاحترافي لاحتياجاتها أو العوامل السياسيّة؟

إن التنظيم والكفاءة العملياتية للقوّات المسلّحة السورية تعكس إلى حدّ كبير إرثٌ النماذج الحربية السُوفياتية والنزاع المسلح السابق مع إسرائيل، وكلاهما استوجبا القيام بعمليات تقييم احترافية لاحتياجاتِ الدفاعِ. ومع ذلك، فإن أولويّة الحفاظ على السيطرة السياسية داخل القوّات المسلّحة والدولة ككُلّ حاليًّا لها تأثير أهمّ على إعداد القُدرات العسكرية وإدارتها وتطويرها. ويتم التعامُل مع هذه الأمور بالكامل تقريبًا من قبل رئيس الجمهورية ومجموعةٍ صغيرةٍ من مسؤولي ومستشاري الدفاع والقادة المختارين ضمن مجلس الدفاع العسكري. وتُقدّم الحكومات المُتحالفة مُدخلات مُنفصلة، لكنها تعمل في كثير من الأحيان لأغراضٍ متباينة.

وبالمثل، فإن الآليّات المؤسساتية لإجراء المُراجعات المُتعلّقة بالدفاع غائبةٌ أو لا تعملُ. ويُملي السعيُ وراء السيطرة السياسية أيضًا السياسات والأولويات المُتّبعة في شؤون الدفاع، كالاحتفاظِ بالخدمة العسكرية الإلزامية. كما تعكسُ السياساتُ والأولوياتُ التحالفات الاجتماعية للنظام الحاكم. فتلعبُ العلاقاتُ الشخصية والعائلية والعشائريةُ والجماعية الأخرى دورًا رئيسًا في التنسيب والتعيينات. وتوجد قواعد وإجراءات واضحة على الورق، لكن الأمور والاجراءات تسير بطريقة غيرُ شفّافة فعليًا ولا يمكن التنبؤ بها. وبالتالي، فالمحسوبية والفساد والمُمارسات التقديرية الأخرى مُنتشرة.

 

تُشجّع استراتيجيات التحصين ضد الانقلابات وانتشار شبكات المحسوبية على ظهور إقطاعيات غير رسمية داخل وزارة الدفاع والقوّات المسلّحة وتحفيز الخصومة. ويمنع هذا العمليات اللاّزمة لتعزيز الاحترافية والارتقاءِ بالقُدُرات المؤسساتية والكفاءة العملياتية. وتخدم الهيكلية الرسمية لقيادة الجيش والقوّات المسلّحة احتياجات الدفاع، لكن السُلطة الحقيقية تكمن إلى حدٍّ كبيرٍّ في الشبكات غير الرسمية التي تُوفّر هيكلية موازية للقيادة والسيطرة، التي يُؤدّي في نهاية المطاف إلى رئيس الجمهورية.

 

إن العديد من التشكيلات العسكرية التي ترعاها الدولة والتي ظهرت في سياق الحرب الأهلية الجارية تقع شكليًّا تحت قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركانِ العامةِ للجيش والقوّات المسلّحة، لكنها تُمَارِسُ استقلاليّةً كبرى على أرض الواقع. ولا تملك القوّات المسلّحة عمليًا أيّة سُلطةٍ إداريةٍ أو قيادة عملياتية على الميليشيات السُورية الكبرى التي تشكّلت بدعمٍ روسيٍّ أو إيرانيٍّ ولا على الميليشيات المكوّنة من رعايا أجانب أحضرتهم إيران ولا على قوّات حزب الله اللبناني. وتتمتّعُ كلّ من روسيا وإيران بنُفوذٍ كبيرٍ على شؤون الدفاع والتطوير العسكري في سورية وتلعبان دورًا رئيسًا في توفير التدريب الفني والإسناد القتالي، لكنّهما تفتقران إلى النفوذ الكافي لدفعِ الإصلاحاتِ أو التغييرات على المستوى المنظومة الدفاعية ككل.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لسورية
1.93
كفاءة متدنية
 
 
 
س2. ما مدى تمسّك المؤسسة العسكرية بأخلاقيّات المهنة؟

خلال الحرب الأهلية الجارية، أظهرت القوّات المسلّحة مُستويات مُتناقضة تمامًا في مقياس الهُويّة والتماسك المؤسساتيين العسكريين، مما انعكس في مُعدّلات عالية جدًا من الانشقاقات والفرار من الخدمة وعدم الحضور من قِبل المنتسبين والمُجنّدين من المسلمين السُنَّة خاصّة في العام الأوّل من النزاع. في المُقابل، أظهرت النواة النظامية للقوّات المسلّحة، التي تشمل السواد الأعظم من سلك الضباط وضباط الصف والمنتسبون، تماسكًا أعلَى بكثيرٍ. وكان الدافع وراء ذلك هو ارتباط المؤسسة العسكرية الوثيق بالنظام السياسي والحوافز المادية كسكن الضباط، والتخويف، والاعتماد المُفرط على المنتسبين العلويّين. وعلى الرغم من بقاء النواة النظامية مُخلصة لتسلسل القيادة العسكرية وللحكومة، إلا أنها لا تزال تُظهر ضُعفَ الدافعِ والمُبادرة والأداء.

 

وينبع الاعتقاد بمشروعية المهام والأوامر من المخاوف الوجودية الجماعية والتحزّب السياسي والخوفٍ من العقاب. وتحكُم الأعراف الفرديةُ أو الجماعيةُ السلوك، بدلًا من القواعد المؤسساتية للأخلاقيات العسكرية أو القانون الإنساني الدولي، الذي وقعت عليه سورية. تُشكل المحاصصات غير الرسمية القائمة على أساس الهوية الجماعية والانتماء العشائريِّ التعيينات القيادية. ويرى الضباط الجدارة الاحترافية أقلّ أهميّة من الولاء الشخصي والسياسي في الارتقاءِ الوظيفي. إن هذه العوامل تُنتِجُ علاقات نُفوذ مُوازية تُعزّزها الأجهزة الاستخباراتية ومُفوَّضو حزب البعث العربي الاشتراكي. وهذا يفُسرّ التصوّر بأن المزايا والترقيات والتكليفات يتمّ منحُها وفقًا لتقديرِ القادة، مما يغذي المحسوبية والفساد ويثبط تقديم الشكاوى، ولكنه يؤدي أيضًا لإنشاء منافع شخصية للعسكريين حتى يقدّموا الولاء.

وتَقبلُ القوّات المسلّحة بسُلطةٍ مدنيةٍ، ولكن في الممارسة العملية لا تخضع للسيطرة المُباشرة أو الفعّالة لأي هيئة مدنية غير الرِئَاسَة. عُمومًا، يرى العسكريون أن رواتبهم ومعاشاتهم التقاعُدية أفضل من نُظرائهم في الخدمة المدنية بما يتوافق مع شروط العمل، وإن ليس أفضل تنافسيًّا مقارنةً بالمدنيين الآخرين، ولكن قد يعتقدون أن الميليشيات المُوالية للحكومة تتمتّع بُشروط عمل أفضل. ومن بين الشركاء الأجانب، أيّدت روسيا امتثال الضباط السوريين للقواعد والأنظمة الداخلية من خلال الحدّ من الطائفية في القوّات المسلّحة كوسيلة لتعزيزِ الفعاليّةِ في ساحة المعركة، لكن روسيا تفتقرُ إلى النفوذ لضمان تنفيذ مثل هذه الإجراءاتِ.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لسورية
2.03
كفاءة متدنية
 
 
 
س3. ما مدى وضوح نظام القضاء العسكري وتنظيمه وشفافيّته؟

إن نظاميْ القضاء العسكري والمدني مُنفصلان رسميًّا، ولكن يُمكن مُحاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية بخصوص مجموعةٍ من الجرائم. ولا يجوز مُحاكمةُ العسكريين في المحاكم المدنية، حتى لو كان المدنيون مُدّعين أو مُدّعَى عليهم. وتَطوّرَت الصلاحيّات القانونية والفعلية لنظام القضاء العسكري بشكلٍ ملحوظٍ خلال الحرب الأهلية الجارية، حيث يُحاكم المدنيون بشكلٍ روتيني في المحاكم العسكرية والمحاكم الميدانية التي تفتقر إلى الإجراءات القانونية اللاّزمة والحيادية.

إن الميليشيات المُوالية للحكومة مُلزمةٌ شكليًّا باللوائح العسكرية المُوحّدة، لكنها تلجأ عمليًّا إلى الاعتقال التعسُّفيّ والعدالة الاعتباطية. وتنظرُ المحاكم الأمنية الخاصّة في قضايا الإرهاب، التي تشمل الاتّهامات السياسية. ويُوفّر قانون العقوبات العسكري المُراجعة القضائية، على الرغم من أن العسكريين، عمليًا، يتمتعون بحصانة تُجاه المدنيين.

ويتمتّع نظام القضاء العسكري بنطاق واسع في تحديد محل مُحاكمة المدنيين والعسكريين، وقد يُوجه اتّهامات بإلحاق الضرر بمعنويات الجيش ضدّ المدنيين الذين يتّهمون الجنود بارتكاب الجرائم الجنائية. إن قواعد الاشتباك ضعيفة أو مُتَجَاهَلة والقوّات المسلّحة مُتّهمة بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية ضدّ المدنيين. ولا توجد مدونة سلوك معروفة تَخُصُّ المدنيين. كما أن الموانع الأخلاقية محدودة كذلك، حيث أن استشراء الفساد والمحسوبية والعصبيات الجماعية في الثقافة التنظيمية للقوّات المسلّحة يُقوّض سيادة القانون ويُنتِجُ بيئةً مُتساهِلة مع انتهاكات حقوق الإنسان.

 

إن الضوابِط القانونية الدولية على إدارة الحرب غير مُضمنة في التدريبِ العسكري، وتفتقِرُ القوّات المسلّحة إلى آليّات الرقابة لضمان الامتثال. هذا، ولم توقّع سورية على البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقية جنيف الذي يقضي بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الداخلية. وليس لها شراكة مع لجنة الصليب الأحمر الدولية في التدريب. وسعت روسيا، من حينٍ لآخر، للحدِّ من انتهاكات الأعراف والمُدوّناتِ القانونيّةِ بنشرِ الشرطة العسكرية الروسيةِ في مواقع مُختارة، لكن يبدو أن هذه نقطة اهتمام ثانوية لها.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لسورية
1.72
كفاءة متدنية جدًا
 
 
 
س4. هل يُؤدي التعليم العسكري إلى التطور الاحترافي وتحسين الأداء وإلى استقرار العلاقات العسكرية المدنية؟

تنحرف المعايير الرسمية للالتحاق بالمدارس العسكرية بسبب اختيار المُتقدّمين حسب ولائاتهم السياسية وهُويّاتهم الجماعية والمحسوبية والفساد. وتكثّفت نسبة التنسيب من الطائفة العلويّة خلال الحرب الأهلية الجارية، حيث ينظر المنتسبون إلى العمل العسكري كوسيلة لتحقيق الأمن الوظيفي في ظرف اقتصاديٍ مُدَمَّر. ويُدرِك الضباط أن العلاقات الشخصية والهوية الجماعية لها تأثير أكبر على الارتقاء الوظيفي من التعليم العسكري، ممّا يثبط الرغبة في اكتساب المهارات والمعرفة ذات الصّلة. إن دوراتِ التلقين السياسي الإلزامي التي يُقدّمُها حزب البعث العربي الاشتراكي تُعزّز هذا التصور، كما ينتُجُ نفس الشيء عن توزيع الطُلّاب العسكريين على المدارس العسكرية المرغوبة وفقًا للولاء الظاهر بدلًا من التحصيل العلميِّ.

 

وتُقدّم الأكاديمية العسكرية العُليا تعليمَا متقدمًا في كُليّات القيادة والأركان والحرب العليا التابعة لها، كما ويحضُر كبار الضباط والمسؤولين المدنيين سويّةً دورات كلية الدفاع الوطني. ويتم إرسال الضباط في بعثات دراسية في الخارج، ولكن يُمثّل هذا وسيلةً للانتفاع الزبائني ولتعزيزِ العلاقاتِ مع الحلفاء أكثر من كونه وسيلة استثمار في التطوير الاحترافي. وتُشدِّدُ المناهج التعليمية العسكرية على الخضوع للسُلطات المدنية برئاسة رئيس الجمهورية وبتمثيل حزب البعث العربي الاشتراكي لها، بدلًا من احترام القيم والسلطة المدنية في حدّ ذاتها.

 

ولا تحظى الهُوية وروح المبادرة المؤسساتيتين بقيمة عالية، ممّا يُقلّل من الآثار الإيجابية المُحتملة للتعليم العسكري في تشكيل الطموحات الوظيفية وتعزيز التماسك المؤسساتي. وتسعى المؤسسة العسكرية لاكتساب خبرات من مصادر غير عسكرية في مجالاتٍ محدودةٍ فحسب، بما في ذلك الإدارة والحرب الإلكترونية ومهارات هندسية مُعيّنة. وتخدم المُؤهّلات الهندسية والفنية المُكتسبة أثناء التدريب والخدمة العسكرية العسكريين العائدين إلى الحياة المدنية، لكنّ القوّات المسلّحة لا تُدير برامج مُصمَّمَة خِصِّيصًا لتزويدها بمهاراتٍ قابلةٍ للانتقال لأغراضٍ مُماثلةٍ.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لسورية
2.03
كفاءة متدنية
 
 
الاحترافية العسكرية
 
مستويات الكفاءة
س1 - الكفاءات العسكرية
س2 - الأخلاقيات المؤسساتية
س3 - القضاء العسكري
س4 - التعليم العسكري
 
 
آخر التغريدات


تواصل معنا