الموجزات القُطريّة
سورية
البيانات الأساسية


عدد السكان
17,070,135
(2019)
المصدر: البنك الدولي
باستثناء اللاجئين خارج سورية
الناتج المحلي الإجمالي
بالأسعار الجارية للدولار الأمريكي
$21 مليار
(2018)
المصدر: The Syria Report
العِبء العسكري
3.60%
(2017)
المصدر: U.S.
Department of State
نسبة العسكريين
إلى القوى العاملة
2.80%
(2017)
المصدر: U.S.
Department of State
قادة الدولة
ذوو خلفية عسكرية
7 من 13
(حتى 2020)
باستثناء التعيينات المؤقتة
 
إجمالي عدد العسكريين
في الخدمة
بيانات 2020 | المصدر: International Institute for Strategic Studies
السياق

إن الإرث السوري المتمثّل في خوض الحرب أو التحضير لها قد ركّز بناء العلاقات العسكرية المدنية على الولاء لحزب البعث الحاكم، والسيطرة الرئاسية المركزية، والاعتماد على الدعم الخارجيِّ. دخلت سورية في حالة حرب مُعلنةٍ مع إسرائيل منذُ عام 1948 ونشرت أعدادًا كبيرة من القوّات والامكانيات الاستخباراتية في لبنان بين عامي 1976 و2005، وشهدت حربًا أهلية وتدخلاتٍ عسكرية أجنبية من قبل جهات حكومية وجهات غير تابعة للدولة منذ عام 2011. إن وجود جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا في الشمال، وقوّات سوريا الديمقراطية ذات الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، والجماعات المتطرفة المُختلفة في الشمال الغربي، والمقاتلين المُتبقّيين من تنظيم الدولة الإسلامية، يُؤثر أيضًا بشكلٍ كبيرٍ على شؤون الدفاع السورية.

تتجلّى مركزية الجيش والقوّات المسلّحة السورية في الحياة العامة في المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة على مستوى العلاقة الرسمية بينها وبين حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم. بصفته المزدوجة التي تجمع بين القائد الأعلى للقوّات المسلّحة وزعيم الحزب يُسيطر رئيس الجمهورية على القوّات المسلّحة. ويضمن مُفوَّضُو الحزب الولاء داخل تسلسل القيادة العسكرية، ويتلقّى جميعُ الضباط تدريبًا في عقيدة حزب البعث. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت الحكومة حالة الحرب الدائمة لتبرير قمع الحُريات السياسية وغُموض ميزانية الدفاع وعسكرة المُجتمع بداعي الأمن القومي.

أدى النقص النسبي في الموارد الطبيعية في سورية إلى الاعتماد طويل المدى على روسيا كمُورد للمعدّات العسكرية ونُظُم الأسلحة، مع توفير التدريبات المرتبطة بها. وحافظت سورية على تحالفٍ مع إيران ووكيلها حزب الله اللبناني منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي. لقد أثّرت هذه الجهات الخارجية على شؤون الدفاع السورية خلال الحرب الأهلية الجارية عن طريق نشر القوّات والمُستشارين العسكريين في أنحاء البلاد وإنشاء ميليشيات موالية وغرز شبكاتها الخاصة داخل القوّات النظامية.

النقاط الرئيسة

  • تُركز العلاقات العسكرية المدنية السورية على العلاقة بين الرئاسة والقوّات المسلّحة، وتجمع بين السلطات الرسمية وأنماط الإدارة غير الرسمية.

  • يضمن الدور المركزي للقوّات المسلّحة في النظام السياسي الحاكم طاعتها للسُلطة التنفيذية، لكنه يزيد من أهمية الولاء السياسي والعصبية الاجتماعية.

  • يُقوِّضُ حكم حزب البعث، ووجود فاعلين عسكريين غير حكوميين أقوياء، وبُروز الهويات الطائفية والجماعية والعشائرية الأخرى من مساهمات القوّات المسلّحة السورية في بناء الوطن.

  • يعمل حكم حزب البعث، ووجود فاعلين عسكريين أقوياء غير منتميين إلى الدولة، وبروز الهويات الطائفية والجماعية والعشائرية على تقويض مساهمات القوّات المسلّحة في بناء الوطن.

  • ليس للسُلطات المدنية دور في تطوير موازنة الدفاع أو ومراقبة تنفيذها ويقتصر دورها على الموافقة عليها، كما أنها لا تملك دورًا في تحسين فعالية التكلفة في قطاع الدفاع.

  • تُقلّلُ الشبكات غير الرسمية وقنوات الاتصال الموازية وضعف قدرات التخطيط الدفاعي من التماسك السياساتي، وتُعيق الجاهزية والفعالية العسكرية وتؤدي إلى محصّلات دون المستوى المأمُول للدفاع الوطني.

هيكل الدفاع

الاستقرار المؤسساتي

لا يمنح الدستور القوّات المسلّحة امتيازات بأي شكلٍ من الأشكال، إذ يذكر فقط مُهمتها المُتمثّلة في "الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية، وهي في خدمة مصالح المواطنين وحماية أهدافه وأمنه الوطني". وبصفتها مؤسسة حكومية يرأسها وزيرٌ، فإن الجيش والقوّات المسلّحة يخضع، شكليًا، لسُلطة الحكومة، لكن في المُمارسة العملية وفي القانون، يمارس رئيس الجمهورية القيادة والسيطرة الفعلية. وهو المصدر الرئيس للتشريعات المُتعلقة بالدفاع وله سلطة إعلان الحرب والتعبئة العامة وتوقيع مُعاهدات السلام وإعلان حالة الطوارئ والقيام بالتعيينات القيادية العُليا. كما يتخذ رئيس الجمهورية قراراتٍ رئيسة تتعلق بالسياسة الدفاعية بشأن عمليات الانتشار العسكري وشراء الأسلحة والترقيات والتحويلات والتسريح وقواعد الاشتباك، وذلك بمساهمةٍ من مجلس الدفاع العسكري الذي يرأسه، كما يلعب مكتب الأمن الوطني دورًا مهمًا في تنسيق عمل أجهزة الاستخبارات.

 
وثائق قانونية أساسية

للسلطات المدنية دور هامشي في الشؤون المتعلقة بالدفاع. ويوافق مجلس الشعب على ميزانية الدفاع، ولكن كبند واحد فقط. أما وزارة المالية وهيئات الرقابة العامة فهي ليست مخولة بتمحيصها. ولا تجرؤ لجنة الأمن الوطني في مجلس الشعب أو أي من أعضاءه على استجواب مسؤولي الدفاع، أما وزير الدفاع، الذي عادةً ما يكون ضابطًا عسكريًا، فهو يعمل كمُمثّلٍ لرئيس الجمهورية بدلًا من تمثيل الحكومة.

يتواسطُ وزير الدفاع وغيره من كبار المسؤولين الأمنيين في العلاقة القيادية بين رئيس الجمهورية والقوّات المسلّحة. ويُكمل هذه العلاقة دور رئيس الجمهورية كأمينٍ عامًّ لحزب البعث. ترسخ الإدارة السياسية في وزارة الدفاع عقيدة الحزب عبر المنشورات الداخلية وتحتفظ بفروعٍ في جميع الوحدات العسكرية وُصولا إلى مستوى السريّة. وتبرز العقيدة في التعليم العسكري. وتوفر الهيكلية الحزبية هذه إطارًا للتنسيق مع أجهزة الأمن الداخلي وإنفاذ القانون المصنفة كقوّات فرعية للجيش والقوّات المسلّحة.

تتمتّع قيادة الجيش والقوّات المسلّحة بسيطرةٍ رسمية على القوى النظامية، لكنها تفتقر عمومًا إلى السيطرة الفعلية على الميليشيات العديدة التي ظهرت في سياق الحرب الأهلية، على الرغم من أنها، قانونيًّا، قوّات إضافية تحت السلطة الشكلية لتلك القيادة. وبدلًا من ذلك، يتمتع رئيس الجمهورية بالسلطة العسكرية والأمنية الشاملة. ويمارس تلك السلطة من خلال مكتب عسكري خاص مُلحقٍ بالرئاسة وعبر شبكاتٍ موازيةٍ غير رسمية داخل القوّات المسلّحة.

مارست روسيا وإيران أيضًا تأثيرًا كبيرًا على قطاع الدفاع منذ بداية الحرب الأهلية في سورية. فهما تُمارسان سيطرة إدارية وعملياتية مباشرة على عددٍ من الميليشيات الموالية للحكومة، بما في ذلك تلك التي أعيد تنظيمُها ضمن تشكيلاتٍ تحت القيادة الاسمية للجيش والقوّات المسلّحة. إن وجود قوّات سورية الديمقراطية المستقلة والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة التي تدعمها تركيا يزيد من تفكيك وإعاقة دور الحكومة المركزية لتوفير الأمن.

تستثني هيكلية السُلطة -المتمركزة حول رئيس الجمهورية وحزب البعث- الهيئات المدنية من لعب دورٍ في شؤون الدفاع، ولكنها تضمن أيضًا أن دور الجيش والقوّات المسلّحة يقتصر على صياغة السياسات المرتبطة بمجال الدفاع. ولعب الجيش والقوّات المسلّحة دورًا قياديًا في مهام الحفاظ على النظام العام أثناء الحرب الأهلية الجارية، التي مارست فيها المحاكمُ العسكرية سُلطاتٍ واسعة النطاق على المدنيين. وتجنبت القوّات المسلّحة، بخلاف ذلك، المشاركة في المهام التي تندرجُ ضمن اختصاص وزارة الداخلية.

النظام السياسي

السيطرة المُتنازع عليها على قطاع الدفاع
مُنذ عام 2012، حالت المُساعدة العسكرية الروسية والإيرانية دون انهيار النظام الحاكم للرئيس بشار الأسد والقوات المسلحة النظامية. وبالرغم من ذلك، فقد ترك هذا حكومة دمشق في حالة تنازع على السيطرة السيادية على قطاع الدفاع التابع لها وعلى ساحة القتال السورية. ويتّضح هذا من خلال الاتفاقيات التي توصّلت إليها روسيا، بشكلٍ مُستقلٍّ، مع إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا، والتي تحكُم العمليات العسكرية وسياسات فضّ النزاع في سورية.

وفّرت روسيا الأسلحة والتدريبات العسكرية في البداية، لكنها تدخّلت بشكلٍ مباشرٍ في سورية عام 2015، وألحقت مستشارين بوحدات الجيش نزولًا حتى مستوى الكتائب. منذ ذلك الحين، ركّزت روسيا بشكلٍ أساسي على إعادة تدريب الجيش النظامي وتجهيزه وإعادة تأهيله. كما دمجت مقاتلي المُعارضة السابقين ضمن وحداتٍ مُواليةٍ تَخضعُ، شكلِيًّا، لسيطرة القوات المسلحة السورية، والتي يقودُها في واقع الأمر ضُباطٌ روسٌ.

كما ساعدت إيران في مراجعة استراتيجية الحكومة وشكّلت ميليشيات سورية موالية لها، ابتداءً من عام 2012. كما نشرت قوات حزب الله اللبناني وميليشيات شيعية أجنبية، بدعمٍ من المستشارين العسكريين والاختصاصيين الإيرانيين. وغالبًا ما استثمرت إيران في تكوين هذه الميليشيات، لكنها سعت، أيضًا، إلى بسط النُفوذ من خلال شخصيات مهمة في النظام مثل ماهر شقيق الرئيس، الذي يقود الفرقة الرابعة.

لا تُنسّق روسيا وإيران مساعدتهما العسكرية مع بعضهما البعض، ولا يُقدمانها من خلال وزارة الدفاع والقوات المسلحة السورية. وبدلًا من ذلك، فإنّهما تحتِفظان بهياكل قيادة وسيطرة مُنفصلة. لذا، لا تُشكّل القوات المُتحالفة مع الحكومة السورية وروسيا وإيران قطاعًا دِفاعيًّا مُتكاملًا. إذ تختلفُ هذه القوات حول الإستراتيجية العسكرية المُتَّبعة وتتنافس على فرض النفوذ داخل الجيش النظاميِّ الأمر الذي ينعكس في التغييرات المُتكرّرة في صفوف كبارِ الضباط، كما تتنافس أحيانًا للسيطرة على المُنشآت والأصول الاقتصادية. أمّا الحكومة، فهي غير قادرةٍ على تمويل الميليشيات والوحدات العسكرية المدعومة من روسيا أو إيران، ممّا يُجبرها على الاعتماد على قواتٍ لا تُسيطر عليها فعليًّا.

تُطيع القوّات المسلّحة السورية النظام السياسي الحاكم، الذي يشمل رئيس الجمهورية ودائرة المقربين منه وحزب البعث. ويوجه الحزب الإدارة السياسية للجيش والقوّات المسلّحة، ويُقدم تدريبًا عقائديًا في الكليات العسكرية. كما يعينُ عدد من كبارُ الضباط في القوّات المسلّحة في القيادة المركزية واللجنة المركزية للحزب. وتقبلُ المدارس العسكرية المتقدمين حسب الولاء السياسي، وينضمُ معظمُ الضباط إلى الحزب. تتطلب التعيينات القيادية الكفاءة المهنية، لكن الولاء السياسي والهوية الاجتماعية يلعبان دورًا هامًا.

ينتمي ما يقدر بنحو 90 بالمئة من العسكريين المتعاقدين إلى الطائفة العلويّة، وهي فرع من فروع الإسلام الشيعي. وينقسم سلك الضباط على أساس الولاءات الجماعية والشخصية، مما ينتج شبكات غير رسمية تتجاوز هيكليات القيادة الرسمية. ويضفي التأثيران الروسي والإيراني تعقيدًا إضافيًا على هذه الديناميات. إن بُروز الهُويات الجماعية والعشائرية يُفسر تماسُك القوّات المسلّحة والطاعة الدائمة للأوامر الرئاسية.

إن بقاء الجيش والقوّات المسلّحة السورية مُرتبطٌ ببقاء النظام السياسي، بوجود رئيس الجمهورية في قمته. ولا يمكن للجهات السياسية المدنية خارج حزب البعث اختراق القوّات المسلّحة، كما ولا تتدخل القوّات المسلّحة السورية، بدورها، في السياسة. ويفسرُ هذا كيف تعايشت القوّات المسلّحة مع الميليشيات الموالية للحكومة التي لا تقع تحت سيطرتها الفعلية، على الرغم من أن هذه المليشيات تُشكّل قوّات إضافية تحت قيادتها، قانونيًا. إن التحدّي المُستمر الذي تفرضه الجماعات المسلحة المُستقلّة والمناهضة للحكومة على النظام السياسي الحاكم يعزز الحاجة إلى الحفاظ على علاقةٍ مُتكاملة مع المؤسسة العسكرية كوسيلة رئيسة للسيطرة على المسرح السياسي الوطني.

لا تُرسّخ الثقافة العسكرية الخُضوع إلى السلطة المدنية أو لسيادة القانون، كما ولا تُرسّخ لقيم حقوق المواطن أو التعدّدية السياسية. لا تقدم القوّات المسلّحة السلع والخدمات العامة خارج مجال اختصاصها الدفاعي، وقليلًا ما يُكافأ الضباط بالتعيينات في إحدى الدوائر البيروقراطية المدنية في الدولة بعد تقاعدهم. ويشغل عدد قليل من المتقاعدين مناصب هامة في الإدارة المحلية تم تكليفهم بها لاعتبارات أمنية واجتماعية، ويكرّس هذا السُلطة الرئاسية بدلًا من توسيع النفوذ المؤسساتي للمؤسسة العسكرية.

مشاركة القوات المسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي
تويتر
التَغريدات
4,512
المتابعين
16,739
مُدرَج في قائِمة
106
فيسبوك
الإعجابات
337,933
المتابعين
413,675
يتَحدّثون عن هذا
122,426
يوتيوب
التحميلات
438
المُشاهدات
3,870,302
(تموز/يوليو 2020) | المصادر: Social Blade, Foller.me, Ninjalitics
يوفر النظام السياسي الحاكم إطارًا للتعاون والتنسيق بين وزارة الدفاع والجيش والقوّات المسلحة من جهةٍ، ووزارة الداخلية وقوى الشُرطة وأجهزة الأمن الداخلي التابعة لها من جهةٍ أخرى. تختلف الصلاحيات ونطاقات العمليات نسبيًا، لكن القوّات المسلّحة هي الشريك المهيمن. وغالبًا ما تُكرر أجهزة المُخابرات السورية الجهود وتتعدى على مهام بعضها البعض. إن مشاركة كلٍّ من الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية في اقتصاد الحرب يُولّد أيضًا تنافُسًا على أرض الواقع ويعيق تنفيذ التوجيهات والسياسيات.

وتتباين رؤى المجتمع السوري حول المؤسسة العسكرية بشكل حاد. إذ يرى جزء كبير من المواطنين أنها مُتحزّبة سياسيًا، لكن آخرون، وخاصة في الطائفة العلوية، يرونها داعمةً للسيادة الوطنية. وترى المؤسسة العسكرية أن دفاعها عن النظام السياسي الحاكم جزءٌ لا يتجزّأ من خدمة الدولة وتجسيد الهوية الوطنية. ولا تُقيِّدُ القوّات المسلّحة المناقشة العلنية، باستثناء ما يخص شؤون الدفاع، ولكن وسائل التواصل الاجتماعية الموالية للنظام تُحمل وزارة الدفاع وقادة القوّات المسلّحة علانية المسؤولية عن الإخفاقات الملموسة أو الإجراءات التي لا تحظى بالتأييد.

 
بناء الوطن والمواطنة

قطاعٌ دفاعيٌ هجين
دفع الاستنزاف البشري بين عامي 2012 و2013 إلى تشكيل ميليشيات محلية موالية للنظام السياسي الحاكم واستخدام ميليشيات شيعية أجنبية دَعمتها أو استقدمتها إيران. وكانت أهم الميليشيات المحلية الموالية هي قوات الدفاع الوطني، التي ضمّت عددًا كبيرًا من الألوية والكتائب قوامها 60 ألف مقاتل في أوجها. وتشمل الميليشيات المحلية الأخرى كتائب البعث، المنبثقة عن حزب البعث الحاكم، وصقور الصحراء ونسور الزوبعة.

سعت روسيا، بعد تدخلها في أيلول/سبتمبر 2015، إلى قَلب هذا المسار من خلال دمج أهم الميليشيات في المؤسسة العسكرية السورية الرسمية. ولهذه الغاية أنشأت وحدات نظامية جديدة، بما فيها الفيلق الرابع (2015) والفيلق الخامس (2016). وتعدُّ كتائب البعث نواة الفيلق الخامس، على سبيل المثال.

أدّى دمج مقاتلي المعارضة السابقين في صفوف الفيلقين الجديدين إلى تقليص النّفوذ الإيراني، مما دفع إيران إلى تأسيس ميليشيا جديدة هي قوات الدفاع المحلي ولإضفاء الصفة القانونية عليها، حَصَلَت إيران على مُذكّرة رِئاسية تُرفق قوات الدفاع المحلي بالقيادة العامة للقوات المسلحة على أساس مفتوح "حتى انتهاء الأزمة."

من المستحيل معرفة حجم الميليشيات الموالية بشكلٍ دقيق في ظل عدم الشفافية، إلا أن التقديرات تشير إلى أن تلك المدعومة من إيران والوحدات النظامية المستحدثة المرتبطة بروسيا تشمل قرابة 140 ألف عنصر.

لا يوجد تشريع مُنفصل يُنظّم الميليشيات الموالية، إلا أن قانون الخدمة العسكرية الصادر عام 2003 يُشرّع إنشاء "قوى أخرى وقت الضرورة" تحت بند "القوات الإضافية." مع ذلك ما يزال قسم كبير من الميليشيات في سورية خارج السيطرة الفعلية للمؤسسة العسكرية. هذا، وتفتقر الحكومة أيضًا إلى القدرة على نزع سلاح المقاتلين السابقين أو إعادة دمجهم أو توظيفهم، مما يجبرها على السّماح للميليشيات بالاحتفاظ بعلاقاتها مع روسيا أو إيران. تؤثّر هذه الحالة سلبًا على جهود إرساء الاستقرار في المجتمعات المحلية، وتزيد من مخاطر استمرار النزاع المسلح، وتُقَلّل من فرص إصلاح قطاع الدفاع وتطوير احترافية القوات المسلحة.

كان للخدمة العسكرية الإلزامية للذكور تأثير في الصهر الاجتماعي حتى عام 2011، لكن دور المؤسسة العسكرية في قمع الانتفاضة الشعبية دفع أعدادًا كبيرة إلى الفرار من الخدمة أو الانشقاق والالتحاق بالمعارضة، ممّا أدى إلى انخفاض القوّة العسكرية الإجمالية بما يقدر بنحو الثُلثين. إن عددًا قليلًا من المجندين فحسب تقدموا للخدمة خلال الحرب الأهلية، وكثيرًا ما يستخدمُ الجيش والقوّات المسلّحة التجنيد وسيلةً للسيطرة أو لمُعاقبة القطاعات المُجتمعية التي انحازت سابقًا إلى المعارضة.

قبل عام 2011، كانت أنشطة مثل التدريب شبه العسكري لطلاب المدارس الثانوية والجامعات وسيلة لبناء الوطن، لكن عسكرة الحياة السياسية والمجتمع أضعفت الشعور بوجود أهداف وطنية مشتركة منذ ذلك الحين. لم يعد جزء كبير من المواطنين يشعرون أنهم مدينُون بالولاء للدولة المركزية أو الجيش، ويتّضح ذلك من إحجام اللاجئين عن العودة، وهشاشة السيطرة الحكومية في المناطق المُستعادة، وبقاء أو ظهور جماعات المعارضة المسلحة مجددًا في أجزاءٍ من البلاد.

وركّزت أنماط التنسيب والتكليف في المسار المهني لمتعاقدي القوّات المسلّحة منذ زمن طويل على الهويات الطائفية والعرقية والإقليمية والعشائرية والطبقية. يرأس العلويون معظم القيادات والوحدات القتالية الرئيسة، في منحًى بدأ في عهد رئيس الجمهورية السابق حافظ الأسد (1970-2000). وقد أدى القبول التفضيلي إلى الكليات العسكرية وشبكات الزبائنية في القوّات المسلّحة إلى تكثيف عسكرة الطائفة العلوية. وتوجد حصصٌ غير رسمية للأفراد من القطاعات المجتمعية والمناطق غير العلوية، فيما يغلب تكليف المسلمون السُنة في خدمات الإسناد أو الوحدات القتالية الثانوية عند تعيينهم وترقيتهم.

يرتبط العلويّون بشكل وثيق مع المؤسسة العسكرية، لكن العديد من السوريين الآخرين يعتبرونها طائفيةً ومُتحزّبة وفاسدة. حتى العلويّين أنفسهم يُدركون أن الوظائف العسكرية والاستحقاقات المادية تعتمد على المحسوبية والعلاقات السياسية. وتقوم القوّات المسلّحة بتنميط القطاعات المجتمعية بحسب ولاءاتها المُفترضة، تماشيًا مع المنظور العام للنظام السياسي الحاكم. تمتّعت وحداتُ القوّات المسلّحة بعلاقاتٍ مُجتمعيةٍ جيدة حتى عام 2011، لكن باتت المؤسسة العسكرية تسعى إلى تنسيب أعداد متزايدة من العلويّين، وتتطلع إلى عشائر سُنية محددة في الشمال والشرق لتشكيل وحداتٍ عسكريةٍ مؤقتة للضرورة. وظهر التنميط المجتمعي المتحيٍّز جليًّا في الاستخدام العشوائي للقوّة وللأسلحة الكيميائية في مناطق مُحدّدة.

تقوم القوّات المسلّحة بتنسيب النساء. ولا تُميز بين العسكريين من الذكور والإناث فيما يتعلق بالرواتب والمعاشات التقاعدية. تتراوح الأعداد المقبولة في الكلية العسكرية للبنات سنويًا من 70 إلى 100 طالبة، وقد زاد عدد المنتسبين من النساء في الجيش والقوّات المسلّحة خلال الحرب الأهلية الجارية إلى حوالي 8,500، بما في ذلك في الوحدات القتالية المكلّفة في أدوار الحامية. ولا يواجه الطاقم النسائي أية عوائق رسمية أمام الترقية، لكن المؤسسة العسكرية لا تفتح للنساء سُبُلًا للتقدم الوظيفي أو الترقية أو تنويع التخصُّصات العسكرية. وتسمح اللوائح التنظيمية للقوّات المسلّحة بإجازة الأمومة وبمرونة ساعات العمل للنساء، لكن قانون العقوبات العسكري لا يعالج التمييز الجندريّ أو التحرُّش الجنسي.

لا تقوم المؤسسة العسكرية بأعمال إعلامية أو دعائية واسعة، وليس لديها برنامج تعاون عسكري مدني. وتترك كافة النشاطات المتصلة، بما في ذلك توفير الخدمات الطبية والمساعدة التنموية وإعادة التأهيل والإعمار في سياق الحرب الأهلية الجارية، بالكامل للهيئات الحكومية المدنية.

العسكريون في الخدمة مقابل القوى العاملة
الميزانية والاقتصاد

ليس للسُلطات المدنية دور في وضع موازنة الدفاع أو مراقبة تنفيذها ويقتصر دورها على الموافقة عليها. وتُعِدّ وزارة الدفاع موازنة تعكس احتياجات جميع الهيئات الخاضعة لدائرة اختصاصها، بمساهمةٍ من الجيش والقوّات المسلّحة. يوافقُ مجلس الوزراء ومجلس الشعب على هذه الموازنة كبَنْدٍ واحدٍ دون التطرق إلى تفاصيلها. ولا يُمكن للسلطات المدنية الوصول إلى تفاصيل المساعدات العسكرية الأجنبية لسورية، على الرغم من أنه من المعروف أن سداد الديون قد يتم تحميله على الميزانية العامة للدولة في بعض الأحيان على الأقل. رئيس الجمهورية دون سواه، وبصفته القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، لديه السُلطة لاعتماد وتعديل الميزانية أو تخصيص اعتماداتٍ جديدةٍ أو مُمارسة الإشراف.

لقد انحرف الإنفاق الدفاعي الفعلي عن الميزانيات المصادق عليها بسبب الاحتياجات القتالية وتذبذُب أسعار صرف العملة والزيادات في الرواتب والمعاشات التقاعدية العسكرية خلال الحرب الأهلية الجارية. وتغطي روسيا وإيران بعضًا من هذه النفقات، لكن يبدو أن جميع النفقات، بما في ذلك الديون العسكرية الأجنبية، تندرج ضمن ميزانية الدفاع الرسمية. ولا تقوم الهيئات المدنية الخارجية بتدقيق الحسابات العسكرية، باستثناء الميزانية الإدارية لوزارة الدفاع. ويمنعُ القانون المُناقشة العلنية لميزانية الدفاع. وتُراقب هيئة تفتيش عسكرية داخلية إنفاقات القوّات المسلّحة، فيما يتم إبلاغ شعبة المخابرات العسكرية بأي تجاوزات أو فساد مالي.

ليس معروفًا عن المؤسسة العسكرية أنها تُسيطر على صناديق مالية تقديرية، لكنها تدير مؤسسات اقتصادية عدة توفرُ خدمات البناء والطبابة والتصنيع المحدود والبيع بالتجزئة. إن عائدات هذه المؤسسات مجتمعة متواضعةٌ، ويتم التصريح بها في ميزانية الدفاع. في المُقابل، فإن حجم توليد المداخيل غير المشروعة كبير. يستثمر الضباط في المشاريع التجارية ويتقاضون رشاوى لمنح الترقيات والتنقلات ويبيعون الوقود والعتاد العسكري في السوق السوداء، كما يجنُون كسبًا غير مشروع مقابل حماية التجارة غير القانونية والتهريب. إن هذه الممارسات شائعة منذ زمن طويل، لكن الحرب الأهلية الجارية قد أتاحت فُرصًا جديدة لفرض الأتاوات عند نقاط التفتيش ولنهب المنازل والشركات الخاصة، وانتزاع الفدية والرشوة. وتؤدي الأنشطة المُدِرّةُ للدخل من قبل الميليشيات الموالية والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة والإدارة المحلية في شمال شرق سورية إلى إضعاف الإيرادات الحكومية وقُدرتها على تخطيط أو تنفيذ السياسات الاقتصادية.

لا تُؤثّر المؤسسة العسكرية على صياغة السياسات الاقتصادية، ولا يعرف عنها تأييدًا أو معارضةً لسياساتٍ مُعينة. لقد اشتكى العسكريون أو أسرهم علنًا خلال الحرب الأهلية الجارية من عدم كفاية الرواتب والمعاشات التقاعدية وتعويضات الوفاة أو الإصابة. لكن هذا لم يُترجم إلى معارضةٍ مفتوحةٍ بين العسكريين أو المؤسسة العسكرية عمومًا ضدّ السياسات الاقتصادية أو الاجتماعية للحكومة.

لم تضف المؤسسة العسكرية قيمةً كبيرةً للاقتصاد، باستثناء مساهمتها في الاستهلاك المحلي. لكنها لعبت دورًا كبيرًا كمشغلٍ ومصدر دخلٍ للأسر. ويتساوى الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي للعسكريين مع موظفي القطاع العام، ويتميزُ بالسخاء مقارنةً بالقطاع الخاص. وقد ضمنت سلسلةٌ من الزيادات منذ عام 2011 الارتفاع في الرواتب والمعاشات التقاعدية العسكرية بشكل أكبر من الزيادات في الخدمة المدنية، لكن الزيادات أخفقت في التعويض عن التدني الشديد في القُدرة الشرائية.

 
الإنفاق الدفاعي والناتج المحلي الإجمالي
الدفاع الوطني

يسهلُ خضوع القوّات المسلّحة المُطلق لرئيس الجمهورية عملية صُنع القرار. لكن من شأن استبعاد بقية السلطة التنفيذية، وانتشار الشبكات غير الرسمية وقنوات الاتصال المُوازية، وضعف قدرات وزارة الدفاع في التخطيط، إضعاف اتساق السياسات بشدة، وإعاقة الجاهزية والفعالية العسكريتين، وإنتاج محصلات دفاعية دون المستوى المأمول. ويؤدي التسييس الواسع النطاق للقوّات المسلّحة إلى تفاقم التحزّب في سلك الضباط، وإلحاق المزيد من إعاقة التطوُّر المهني، وتشويه حوافز الأداء، وتقويض القيادة والسيطرة. كما أن الاعتماد الكثيف على الشبكات الموازية والتدخل في جزئيات قطاع الدفاع يُضعف تماسك القوّات المسلّحة ويعيقُ المراقبة والتقييم المنهجيين.

لقد حافظت القوّات المسلّحة على تماسكها وحققت نجاحاتٍ في ساحة المعركة على عدة جبهاتٍ، على الرغم من هذه التحديات التنظيمية وخسارة ثلثي قوّاتها في بداية الحرب الأهلية. ولكنها أظهرت في الوقت نفسه مُبادرةً مُتدنّية، وضعفًا في القدرة على القيام بالعمليات العسكرية المشتركة، وترددًا عامًا في القيام بالعمليات الهجومية. وتكبدت القوّات المسلّحة إصابات فادحة بسبب ضُعف التدريب، وعدم كفاية العتاد العسكري، والاستنزاف الشديد للمعدات القتالية بسبب سوء الصيانة وضعف قدرات الاستعادة والإصلاح. ولا يمكنُ للجيش والقوّات المسلّحة ردعُ الهجمات الجوية الإسرائيلية المتكررة أو مقاومة نشر القوّات الأمريكية والتركية على الأراضي السورية أو منع عودة ظهور المعارضة المسلحة في الجنوب السوري.

تتسمُ إدارة الأعباء الدفاعية بعدم الكفاءة. إذ تزامن ارتفاع الإنفاق الدفاعي مع تقلص الميزانية العامة للدولة. وأدى خيار الاحتفاظ بقّواتٍ مسلّحة كبيرة قبل عام 2011 إلى منع تحديثها. كما أن الإبقاء على السيطرة السياسية خلال الحرب أحبط استخلاص الدروس وإجراء تقييمات التكلفة مقابل المنفعة. وتمثّلت نتيجة ذلك في استخدام قوّة السلاح بطرق تهجر السكان وتُدمرُ البنية التحتية الحيوية التي تحتاجُها الحكومة لإعادة البناء، وفي عدم القدرة على ترجمة الابتكارات التكتية المرتجلة، مثل الوحدات المُختلطة للمهام الخاصة، إلى تعديلات عقائدية أو هيكلية.

تتسم هيكلية القوّات المسلّحة أيضٍا بعدم الكفاءة. إذ يتعينُ عليها أن تتعايش مع العديد من الميليشيات الموالية للحكومة التي تقع تحت قيادتها شكليًّا، ولكن في الواقع تسيطرُ عليها هيئات موالية أخرى، أو روسيا وإيران. ويتحمل هؤلاء الحلفاء النفقات المالية للميليشيات التي ينشئونها، لكن هذا يترك للحكومة السورية إشكالًا على مستوى القيادة والسيطرة وعبء مُستقبليًا لتسريح وإعادة دمج الميليشيات. وبالتالي تعتمد القيادة والسيطرة الفعلية على الإجراءات غير الرسمية. ويتجاوز مكتب عسكري خاص في القصر الرئاسي بشكل روتيني قيادة القوّات المسلّحة لتوجيه الانتشار الميداني للقوّات والعمليات القتالية.

تفتقر السلطات المدنية إلى المهارات التي يمكن أن تُساعد في إدارة موارد الدفاع وتطوير القُدرات العسكرية. هذا من شأنه أن يَحرم المؤسسة العسكرية من الخبرة المُحتملة في مجالات التخطيط الاستراتيجي واستخلاص الدروس والتعليم العسكري والمهارات الفنية والاحترافية. إن القوّات المسلّحة غير قادرةٍ على خفض نزيف الخسائر البشرية والمادية أو على تعبئة الموارد. واضطرّت وزارة الدفاع إلى التعهّد بأن المُجندين سيقومون بالخدمة العسكرية الإلزامية في المناطق التي ينحدرون منها، لإخماد فتيل المُعارضة بين المجتمعات المحلية. وتقوم النساء، بشكل رئيسٍ، بأدوارٍ في المجالات الطبية والمكتبية وبدوْر القوّات الحامية أو حمايةِ الأحياءِ. وتعكس هذه المُحدّدات عقليةً مُؤسساتيةً تُقلّلُ كذلك من القُدرة على استيعاب الخبرات والتدريبات الدفاعية الأجنبية.

واردات الأسلحة
ملاحظة: وحدة قيمة مؤشر الاتجاه هي وحدة قياس طورها معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI) لحساب حجم عمليات النقل الدولية للأسلحة التقليدية الرئيسية. وهي لا تمثل الأسعار الفعلية ولا يمكن مقارنتها مباشرة بأرقام الناتج المحلي الإجمالي أو الإنفاق العسكري.
المصدر: SIPRI
 
آخر التغريدات


تواصل معنا