تتمتّع القوّات المسلّحة بتقدير كبير بين المواطنين مُقارنةً بمؤسسات الدولة الأخرى، ممّا يُعزّز الروح المعنوية العسكرية ويُحفّزها ويضمن لها تدفق مستمر من القوى البشرية. وتجعلُ الخدمة العسكرية الإلزامية القوّات المسلّحة مُمثّلة للمُجتمع إلى حدّ كبير، مما يُساهم في بناء الوطن، ولكن التمييز الطبقي الراسخ في صفوف ضباط الصف والمنتسبين يحُدُّ من مُساهمة المؤسسة العسكرية في الاندماج الاجتماعي.

وينظر جزء كبير من المواطنين إلى القوّات المسلّحة على كونها حصنًا منيعًا ضدّ جماعة الإخوان المسلمين، ولكن حضورها السياسي البارز والمُستمرّ يُديم أيضًا الاستقطاب والنظرة السلبية بين قطاعات اجتماعية أخرى، تجاه ما تعتبره تدخّلًا عسكريًا غير مرغوب فيه في المجال العام. ومع ذلك، نجحت القوّات المسلّحة، عمومًا، في رسم صورة إيجابية عن إنجازاتها الماضية وإخفاء الإخفاقات.

كما تُعتبر الوظائف العسكرية سبيلًا إلى المكانة والصعود الاجتماعي، ولذلك تسعى إليها الطبقات المتوسطة، ولكن ليس الأوساط الثرية. وتُمنع المُناقشة العلنية لشؤون الدفاع أو نشر المعلومات المُتعلّقة بالمؤسسة العسكرية، ما لم تصدر عن الهيئات العسكرية الرسمية أو المُتحدّثين الرسميين.

تميل المؤسسة العسكرية إلى اعتبار المدنيين من سياسيين ومسؤولين حُكوميين ورجال الأعمال عديمي الكفاءة أو باحثين عن مصالحهم الشخصية أو فاسدين، وإلى عامّة المواطنين على كونهم في حاجة دائمة إلى المُساعدة والتوجيه. ويتناقض هذا مع الصورة التي تحملها القوّات المسلّحة عن نفسها بصفتها مُنقذًا للوطن، بفضل تفوق مهاراتها وانضباطها والتزامها الوطني. لذلك، لا تستحقّ السُلطات المدنية الطّاعة التلقائية في منظور القوّات المسلّحة، وخاصّة في المسائل المتعلّقة بالأمن القومي. وتُقارنُ القوّات المسلّحة بين ما تصوّره على أنه تمسّكها بالقيم الجمهورية وعدم الانحياز مع أيّة فئة اجتماعية، وبين ما تعتبره أجندات أنانية أو طائفية للأحزاب الإسلامية أو المصالح القطاعية الأخرى.

ولا تسعى المؤسسة العسكرية إلى تضييق التمثيل الاجتماعي الواسع في مراتبها الدُنيا، لكن سلك الضباط مُغلق أمام المُتقدّمين من العائلات ذات الدخل المحدود وأمام أي شخص لديه تعاطف مع الجماعات الإسلامية. كما أن الأقباط عمومًا مُمَثّلون تمثيلًا محدودًا في القوّات المسلّحة، خاصّة في الرتب العُليا. وللقوّات المسلّحة حسّ عميقٌ بالاستحقاق، ينبعُ من استعدادها للتضحية بالنفس نيابة عن الوطن ومن المُساهمة التي تدّعي تقديمها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. يبدو أنه لا يوجد أسلوب مُنتظم لاستبيانات الرأي العام ولتقييم الصورة العامة للمؤسسة العسكرية لدى المواطنين أو تحسينها إذا لزم الأمر. لكن يُطلب أحيانًا من مراكز بحث حكومية مُختارة تقديم التقييمات العامة.

تتولّى المؤسسة العسكرية القيام بحجمٍ كبير من الأشغال العامة وأنشطة التوريد، والتي يتداخل الكثير منها مع النطاق الاعتيادي للتعاون العسكري المدني. وتشمل هذه الأشغال بناء الطرقات السريعة وغيرها من أشغال البنية التحتية العامة، ومشاريع المياه والصّرف الصحي، وتشييد المدارس والعيادات الطبية في المناطق الريفية، وكذلك تدريب الشباب على المهارات الفنية واللغوية وتوزيع صناديق الموادّ الغذائية المجانية أو المدعومة، والسلع الأساسية، والخدمات الصحية إلى ذوي الدخل المحدود. غير أن المؤسسة العسكرية تضع هذه الأنشطة في إطار جهُودها الداعمة للدولة والمُساهمة في التنمية الوطنية، وتفتقر إلى عقيدة رسمية للتعاون العسكري المدني.

وبالمثل، فإن للقوّات المسلّحة العديد من الإدارات وكتائب إنشاء المشروعات المدنية التي تتولّى الأشغال العامة، ولكنها لم تنشئ وحدات أو أركان مُتخصّصة للتعاون العسكري المدني. ويرتبطُ التدريب الإداري والفني الذي يتلقاه العسكريون لتنفيذ الأنشطة المدنية بإدارتهم للشركات العسكرية. كما يبدو أن التشاور والتنسيق مع المدنيين مُتعلّقٌ حصريّا بتنفيذ الأشغال العامة ويخصّ المسؤولين الحكوميين فحسب. دون إجراء تقييم تشاركيّ للاحتياجاتِ والتأثيراتِ المتوقعة مع المجتمعات المحلية المُستفيدة.